إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
لقاء مفتوح بالمخيم التوعوي للشباب
2920 مشاهدة print word pdf
line-top
أهمية استغلال الأوقات في عمل الصالحات والحذر من ضياعها

وقد رأينا وسمعنا أن الكثير يقضون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه, وكأنهم لا يشعرون بأنهم مسئولون عن هذه الأوقات التي يضيعونها. لا شك أن الذين لا يهتمون بأوقاتهم, ويضيعونها فيما هو عليهم لا لهم, أنهم بذلك يعتبرون مفرطين ومضيعين الشيء الذي كان عليهم أن يهتموا به؛ وذلك لأن وقت الإنسان هو رأس ماله الذي هو محاسب عليه.
رأس ماله هو عمره أيامه ولياليه, ذلك لأنها تمر مر السحاب, ثم يحاسب عليها؛ يحاسب على كل يوم, أو كل شهر, أو كل عام؛ ماذا عمل فيه؟ ويسأل عن كل يوم ماذا يكون ؟ ورد في بعض الأحاديث: أنه كل يوم إذا طلعت شمسه يقول بلسان الحال: يا ابن آدم, إني عليك يوم جديد, وإني على ما تعمل في شهيد، فاغتنمني؛ فإني لا أعود .
هكذا يقول بلسان الحال؛ يعني حثا للإنسان على أنه في كل يوم يهتم بيومه، يهتم بليله ونهاره, فلا يضيعه؛ وذلك لأن هذه الأيام تسير سيرا سريعا؛ فكأنها الرواحل التي ترحل بالإنسان من مكان إلى مكان. يقول بعض العلماء: من كانت الأيام والليالي مطاياه سارت به وإن لم يسر. فأنت يا ابن آدم تسير دائما، ولو كنت على فراشك، ولو كنت على كرسيك، دائما وأنت تسير، وتحث سيرك إلى أن ينتهي عمرك. إذا انتهى عمرك بعد ذلك انتهى مسيرك.
من كانت الأيام والليالي مطاياه سارت به وإن لم يسر؛ فيجب عليه أن يكون سيره في طاعة الله؛ وذلك لأنه إذا أضاع وقته أسف عليه أشد الأسف، وإن لم يأسف في الدنيا لكن يأسف في الآخرة. ورد في بعض الأحاديث أن هذه الأيام والليالي خزائن تخزن على ما فيها. كل يوم يمر فإنه يطوى على ما عمل فيه الإنسان، إن خيرا وإن شرا، كل يوم يمر بك فإنه يختم على ما عملت فيه خيرا وشرا.
ثم في يوم القيامة هذه الخزائن التي تعملها فيها تفتح يوم القيامة؛ فماذا يكون فيها؟ المحسنون يجدون في خزائنهم: العزة والكرامة، والمفرطون يجدون في خزائنهم الخيبة والندامة.
نعرف أن الناس كثيرا يغتنمون هذه الإجازات، ولكن يختلفون في استغلال الأوقات. يختلفون في كيفية استغلالها؛ فكثير منهم يغتنمونها, ثم يرحلون إلى بلاد نائية، سواء بلادا إسلامية أو غير إسلامية. وقد تكون الإسلامية فيها الكثير من التفسخ، وفيها الكثير والكثير من المعاصي، ومع ذلك يذهبون إليها؛ فينفقون أموالا طائلة في التردد وفي حضور المجالس ونحوها، وينفقون كذلك أياما وليالي في غير فائدة؛ بل ربما في خسارة.
يدعون أنهم يرفهون عن أنفسهم, وأنهم يتسلون بما ينظرون إليه؛ لا شك أنهم قد يقعون في محرمات في تلك البلاد التي لا تلتزم بتعاليم الإسلام؛ فيرجعون وقد تزودوا معاصي قد فعلوا فواحش, وقد شربوا خمورا ومخدرات ومحرمات. وقد أضاعوا أوقات, وقد ملئوا قلوبهم بما سمعوه من غناء, ولهو, وطرب, ونحو ذلك؛ فهل هؤلاء خاسرون؟ أم رابحون ؟! إنهم خاسرون خسرانا ظاهرا، ولو ادعوا أنهم تسلوا وأنهم تفرجوا, وأنهم وأنهم.. نقول: إنهم قد خسروا حياتهم, أو جزءا كبيرا من حياتهم.
وآخرون لا يسافرون، ولكن يضيعون أوقاتهم أيضا في شيء من المعاصي؛ فكثير وكثير الذين يدخلون الأسواق, ويسرحون أنظارهم فيمن يدخلها من النساء المتكشفات والمتبرجات، ويلاحقونهن ويعاكسون ويغازلون، ويتبادلون الكلمات ويتبادلون أرقام الهواتف؛ ولا شك أن هؤلاء على خطر؛ وذلك لأنهم كل يوم خمس ساعات, أو عشر ساعات تجدهم في هذه الأسواق، ليس لهم حاجة. ليسوا من أهل التجارات، وليسوا من أهل المعاملات، ولكن إنما هم من أهل المعاصي؛
نقول: إن هؤلاء خاسرون وليسوا رابحين.
كذلك أيضا هناك كثير من الشباب يتتبعون أماكن اللهو؛ يعني القهوات, وما أشبهها من المجتمعات -يجتمع فيها فئام كثير من الشباب، ماذا ينظرون؟ ينظرون إلى تلك الشاشات التي تجتلب ما يبثه أعداؤنا عبر القنوات الفضائية؛ فيزعمون أنهم يتسلون؛ ينظرون إلى صور عارية، ينظرون إلى صور متفسخة، ينظرون إلى محرمات؛ فيقضون جزءا كبيرا من ليلهم، وجزءا كبيرا من نهارهم، رغم أيضا أنهم يدفعون جزءا من المال.
فهل هؤلاء رابحون؟ أم أنهم والله خاسرون خسرانا مبينا؟ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ؛ ذلك لأن قلوبهم تبقى مشتغلة بهذه الصور؛ فيتحدثون بها مع إخوانهم ومع زملائهم، ويكونون أيضا من الدعاة إليها؛ إن في القهوة الفلانية, أو إن في الاستراحة الفلانية يعرض كذا وكذا من الصور، ويعرض كذا وكذا من الأفلام, وما أشبه ذلك، ثم يرجعون وقد تأثروا. لا شك أن هذا ضياع للوقت، وأنه خسران للدين وللعقيدة وللأخلاق, وما أشبه ذلك.
كذلك أيضا نعرف أن هناك آخرون إذا كان عندهم أوقات فراغ اجتمعوا في منزل أحدهم أو في استراحة ونحوها. قد يكونون كبارا, وقد يكونون صغارا، وماذا يفعلون ؟! ينظرون أيضا إلى تلك الشاشات التي تشتمل على منكرات, وعلى صور عاريات, وما أشبهها. يبقون زمانا؛ أي كل ليلة إلى نصف الليل، إلى ثلثي الليل، هؤلاء أيضا كبار وصغار ليس لهم حاجة إلا هذه الاجتماعات، فهل هؤلاء خاسرون؟ نعم، إن هذا أيضا خسران مبين.
كذلك أيضا الكثير الذين يجتمعون في مجالس أو على أرصفة، أو على السواحل والشواطئ, أو ما أشبه ذلك، وليس لهم حاجة إلا أن ينظروا فيمن مر بهم، ويستمعون إلى ما يقوله, أو ما يفعله مثل هؤلاء فيكونون بذلك قد أضاعوا وقتهم، وقد تعرضوا لكثير من الفتن، ووقعوا في كثير من المعاصي والمحرمات.
لا شك أن مثل هؤلاء أيضا يعتبرون قد خسروا، وكذلك أيضا وقعوا في الإثم؛ حيث إن هذه الأماكن تدفعهم إلى شرب الدخان، وإلى سماع الغناء واللهو، وإلى النظر في الصور وما أشبهها، وزيادة على إضاعة الأوقات، أليس هؤلاء قد أضاعوا إجازاتهم في شيء يضرهم ولا ينفعهم ؟!

line-bottom